فلما رأى [أهلها]«١» ما حلّ بهم كاتبوا محمد بن إسماعيل وقالوا أنت أولى من المأمون بالبلد وأحبّ إلينا منه! فاستوثق منهم ودخلها ليلا ويحيى لا علم له بذلك.، فلما أصبح وعلم الحال رجع بعسكره إلى طليطلة وكتب إلى ابن عكاشة- وهو رجل شجاع كان بيده بعض حصون الأندلس، يقطع حوله السبيل ويقتل التجار ويأخذ الأموال، وهو يظهر ليحيى طاعة مشوبة بمعصية- فأمره أن يجمع أصحابه وعضّده بعسكر كبير ووجههم إلى قرطبة، فتوجهوا إليها وقد فارقها محمد بن إسماعيل إلى إشبيلية وترك ولده بها.
فدخلها ابن عكاشة ليلا، ودخل القصر، وقتل كلّ من وجد من الحرس، وذبح ولد محمد بن إسماعيل بيده. فلما بلغ ذلك محمد جمع العساكر وخرج إلى قرطبة، فحصر ابن عكاشة وضيق عليه، فخرج هاربا. واستوثق من الرعية وعاد إلى إشبيلية، فوصل إليها يحيى بن ذى النون/ وتغلّب عليها. فدسّ عليه محمد بن إسماعيل طبيبه، فسمّه، فمات! فعندها خلص الأمر لمحمد بن إسماعيل، وذلك فى سنة أربع وعشرين.. هكذا نقل عز الدين عبد العزيز ابن شدّاد بن تميم بن المعز بن باديس فى كتابه المترجم بالجمع والبيان، وذكر أيضا فى هذا الكتاب أنّ يحيى توفى فى سنة ستين وأربعمائة، وهذا فيه تناف والله تعالى أعلم.