ولما رحلتم بالنّدى فى أكفّكم ... وقلقل رضوى منكم وثبير
رفعت لسانى بالقيامة قد دنت ... ألا فانظروا كيف الجبال تسير؟
قال ولما توفى المعتمد وقف ابن اللبانة على قبره فى يوم عيد- والناس عند قبور أهاليهم- وأنشد بصوت عال:
ملك الملوك أسامع فأنادى ... أم قد عداك عن الجواب عواد
لما خلت منك القصور ولم تكن ... فيها كما قد كنت فى الأعياد
قبّلت فى هذا الثرى لك خاضعا ... وتخذت قبرك موضع الإنشاد
وأخذ فى إتمام القصيدة، فاجتمع الناس كلّهم عليه يبكون لبكائه وإنشاده. وحكى بعض المعتنين بأخبارهم أن فخر الدولة ابن المعتمد على الله مرّ يوما فى بعض شوارع مدينة إشبيلية، فطمحت عينه إلى روشن قرأى وجها حسنا فتعلّق قلبه به، ولم يمكنه الوصول، فخامره الهوى ومرض من ذلك. فاتصل خبره بأبيه، فسأل عن المرأة فقيل إنها ابنة رجل خباز، فأمر الوزير أن ينفذ إلى أبيها ويخطبها منه. فأرسل إليه الوزير فعلم ما يراد به، فامتنع من الوصول إليه وقال: هو أحقّ بالوصول إلىّ فى هذه الحالة! فأعلم المقتدر بذلك فقال: تصل إليه وتخطبها. فلما وصل إليه وخطبها قال الخباز للوزير: أله صنعة؟ فقال الوزير: ابن المعتمد يطلب منه صنعة وهو سلطان الأندلس؟ فقال له: أمها طالق إن زوجتها إلا من له صناعة يستر حاله وحالها بها إن احتاج إليها.
فأعلم الوزير المعتمد فقال: هذا رجل عاقل! فأمر بإحضار الصاغة إلى القصر وعلّم فخر الدولة الصياغة وحذق فيها فلما جرى