ميلين أو ثلاثة حتى تأخذه الخيل، وأرسل عيسى خمسمائة رجل إلى بطحاء ابن أزهر- على ستة أميال من المدينة- فأقاموا بها، وقال:
أخاف أن ينهزم محمد فيأتى مكة، فيردّه هؤلاء، فكانوا بها حتى قتل محمد، وأرسل عيسى إلى محمد يخبره أن المنصور أمّنه وأهله، فأعاد الجواب: يا هذا، إن لك برسول الله صلى الله عليه وسلم قرابة قريبة، وإنى أدعوك إلى كتاب الله وسنة نبيّه والعمل بطاعته، وأحذرك نقمته وعذابه، وإنى والله ما أنا بمنصرف عن هذا الأمر حتى ألقى الله عليه، وإياك أن يقتلك من يدعوك إلى الله: فتكون شر قتيل، أو تقتله «١» فيكون أعظم لوزرك. فلما بلغته الرسالة قال عيسى: ليس بيننا وبينه إلا القتال؛ وقال محمد للرسول: علام تقتلونى؟ وإنما أنا رجل فرّ من أن يقتل، قال: إن القوم يدعونك إلى الأمان، فإن أبيت إلا قتالهم قاتلوك، على ما قاتل عليه خير آبائك طلحة والزبير، على نكث بيعتهم وكيد ملكه.
قال، ونزل عيسى بالجرف لاثنتى عشرة خلت من شهر رمضان سنة خمس وأربعين ومائة وذلك يوم السبت، فأقام السبت والأحد وغدا يوم الإثنين فوقف على سلع، فنظر إلى المدينة ومن فيها، ونادى يا أهل المدينة: إن الله تعالى حرّم دماء بعضنا على بعض، فهلمّوا إلى الأمان، فمن قام تحت رايتنا فهو آمن «٢» ، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن خرج من المدينة فهو آمن،