الكمينين- إذا جازوهم «١» أهل البصرة- أن يخرجوا ويصيحوا بالناس، وبقى هو في نفر يسير من أصحابه، وقد هاله ما رأى من كثرة الجمع، فثار أصحابه إليهم وظهر الكمينان من جانبى النهر وراء السفن والرجّالة، فضربوا من ولّى من الرجّالة والنظّارة، فغرقت طائفة وقتلت طائفة وهرب الباقون إلى الشط، فأدركهم السيف فمن ثبت قتل، ومن ألقى نفسه في الماء غرق، فهلك أكثر ذلك الجمع فلم ينج إلا الشريد، وكثر المفقودون من أهل البصرة، وعلا العويل من نسائهم، وهذا اليوم يسمى يوم الشذا «٢» - وهو يوم أعظمه الناس، وكان فيمن قتل جماعة من بنى هاشم وغيرهم في خلق كثير لا يحصى، وجمعت الرؤوس لصاحب الزنج، فأتاه جماعة من أولياء المقتولين فأعطاهم ما عرفوا، وجمع الرؤوس التى لم تطلب في جريبيّة «٣» وأطلقها، فوافت البصرة فجاء الناس وأخذوا كلّ ما عرفوه منها، وقوى صاحب الزنج بعد هذا اليوم، وتمكّن الرعب في قلوب أهل البصرة وأمسكوا عن حربه، وكتب الناس إلى الخليفة بخبر ما كان، فوجّه إليهم جعلان التركى مددا، وأمر بالأحوص «٤» الباهلى بالمصير إلى الأبلّة والبا، وأمدّه بقائد من الأتراك يقال له جريح، وانصرف