صاحب الزنج بأصحابه في آخر النهار إلى سبخة- وهى سبخة أبى قرّة- وبثّ أصحابه يمينا وشمالا للغارة والنهب.
ووصل جعلان إلى البصرة في سنة ست وخمسين ومائتين، ونزل بمكان بينه وبين صاحب الزنج فرسخ، وخندق عليه وعلى أصحابه وأقام ستة أشهر في خندقه، وجعل يوجّه الزينبىّ وبنى هاشم ومن خفّ لحرب الزنج، ثم سار جعلان للقائه فلم يكن بينهم إلا الرمى بالحجارة والسهام، ولا يجد جعلان إلى لقائه سبيلا لضيق المكان عن مجال الخيل، وكان أكثر أصحاب جعلان خيّالة، فلما طال مقامه في خندقه أرسل صاحب الزنج أصحابه إلى مسالك الخندق، فبيّتوا جعلان وقتلوا من أصحابه جماعة، وخاف الباقون خوفا شديدا، وكان الزينبىّ قد جمع البلاليّة والسعديّة ووجّه بهم من مكانين، وقاتلوا صاحب الزنج فظفر بهم وقتل منهم مقتلة عظيمة، فترك جعلان خندقه وسار إلى البصرة، وظهر عجزه للسلطان فصرفه عن حرب الزنج، وأمر سعيد الحاجب بمحاربتهم، وتحوّل صاحب الزنج بعد ذلك من السبخة- التى كان فيها- ونزل بنهر أبى الخصيب، وأخذ أربعة وعشرين مركبا من مراكب البحر، وأخذ منها أموالا عظيمة لا تحصى، وقتل من فيها وأنهبها أصحابه ثلاثة أيام، وأخذ لنفسه بعد ذلك من النهب.