نزل الجزيرة فحصر بردودا «١» ، وأنّ سليمان بن موسى الشعرانىّ قد وافى الصلح، ووجّه طلائعه ليعرف أخبارهم، فعادوا وأعلموه موافاة الزنج وجيشهم، وأن أوّلهم بالصلح وآخرهم ببستان موسى بن بغا أسفل واسط.
قال: وكان سبب جمع الزنج وحشدهم أنهم قالوا: إن العباس فتى حدث غرّ بالحرب، والرأى لنا أن نرميه بحدّنا كلّه، ونجتهد فى أول مرّة نلقاه فلعلّ ذلك يروعه فينصرف عنّا، فجمعوا وحشدوا، فلما علم أبو العباس قربهم عدل عن سنن الطريق واعترض في مسيره، ولقى أصحابه أوائل الزنج فتطاردوا لهم حتى طمعوا فيهم وتبعوهم، وجعلوا يقولون: اطلبوا أميرا للحرب فإنّ أميركم قد اشتغل بالصيد، فلما قربوا منه خرج عليهم فيمن معه، وصاح بنصير إلى أين يتأخر عن هذه الأكلب، فرجع نصير، وركب أبو العباس سميريّة وحفّ به أصحابه من جميع الجهات، فانهزمت الزنج وكثر القتل فيهم، وتبعوهم إلى أن وصلوا قرية عبد الله، وهى على ستة فراسخ من الموضع الذى لقوهم به وأخذوا منهم خمس شذاوات وعدّة سميريّات، وأسر جماعة واستأمن جماعة، فكان هذا أول الفتح.
فسار سليمان بن جامع إلى نهر الأمير، وسار سليمان الشعرانىّ إلى سوق الخميس، وانحدر أبو العباس فأقام بالعمر، وهو على فرسخ من واسط، وأصلح شذاواته وأخذ يراوح القوم القتال ويعاديهم، ثم إن سليمان استعدّ وحشد وجعل أصحابه في ثلاثة أوجه، وقالوا إنّه