للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدث غرّ يغرّر بنفسه وكمّنوا كمينا، فبلغ الخبر أبا العبّاس فحذر، وأقبلوا وقد كمّنوا الكمناء ليغتر باتّباعهم فيخرج الكمين عليه، فمنع أبو العبّاس أصحابه من اتّباعهم، فلما علموا أنّ كيدهم لم يتمّ خرج سليمان في الشذاوات والسميريّات، فأمر أبو العبّاس نصيرا أن يبرز إليهم، وركب هو في شذاة من شذاواته سماها الغزال، ومعه جماعة من خاصّته، وأمر الخيّالة بالمسير بازائه على شاطىء النهر إلى أن ينقطع، فيعبروا دوابّهم، ونشبت الحرب بين الفريقين فوقعت الهزيمة على الزنج، وغنم أبو العبّاس منهم أربع عشرة شذاة، وأفلت سليمان والجبّائى بعد أن أشفيا على الهلاك، وبلغوا طهيثا وأسلموا ما كان معهم، ورجع أبو العباس إلى معسكره، وأقام الزنج عشرين يوما لا يظهر منهم أحد، وجعلوا على طريق الخيل آبارا وجعلوا فيها سفافيد حديد، وجعلوا على رؤوسها البوارى والتراب ليسقط فيها المجتازون، فسقط فيها رجل ففطنوا لها فتركوا ذلك الطريق. واستمد سليمان صاحب الزنج فأمدّه بأربعين سميريّة بآلاتها ومقاتليها، فعادوا للتعرض للحرب فلم يثبتوا لأبى العبّاس، ثم سيّر إليهم عدة سميريّات فأخذها الزنج، فبلغه الخبر وهو يتغدّى فركب في سميريّة ولم ينتظر أصحابه وتبعه منهم من خفّ فأدرك الزنج، فانهزموا وألقوا أنفسهم في الماء، فاستنقذ سميريّاته ومن كان فيها، وأخذ منهم إحدى وثلاثين سميريّة ورمى أبو العبّاس يومئذ عن قوس حتى دميت ابهامه، فلما رجع أمر لمن معه بالخلع، وأمر باصلاح السميريّات المأخوذة من الزنج.

ثم إنّ أبا العبّاس رأى أن يتوغّل مازروان حتى يصير إلى الحجّاجيّة ونهر الأمير، ويعرف ما هناك، فقدّم نصيرا في أوّل السميريّات