الموفّق بسليمان بن جامع- خاف أن يأتيه، وهو على حال تفرّق أصحابه عنه، فكتب إلى علىّ بن أبان بالقدوم عليه، وكان بالأهواز في ثلاثين ألفا، فترك جميع ما كان عنده من طعام ودوابّ وأغنام وغير ذلك، واستلخف عليه محمد بن يحيى الكرنبائىّ، فلم يقم ولا تبع عليا، وكتب صاحب الزنج أيضا إلى بهبوذ بن عبد الوهاب، وهو بالفندم «١» والباسيان وما اتصل بهما، يأمره بالقدوم عليه، فترك ما كان عنده من الذخائر وسار نحوه، فحوى ذلك جميعه الموفّق وقوى به على حرب صاحب الزنج.
قال: ولما سار على بن أبان عن الأهواز تخلف بها جمع من أصحابه زهاء ألف رجل، فأرسلوا إلى الموفّق يطلبون الأمان فأمّنهم، فقدموا عليه فأجرى عليهم الأرزاق، ثم رحل عن السوس إلى جنديسابور وتستر وجبا الأموال، ووجّه إلى محمد بن عبيد الله الكردى- وكان خائفا منه- فأمّنه وعفا عنه وطلب منه الأموال والعساكر، فحضر عنده فأحسن إليه، ثم رحل إلى عسكر مكرم ووافى الأهواز، ثم رحل عنها إلى نهر المبارك من فرات البصرة، وكتب إلى ابنه هارون أن يوافيه بجميع الجيش إلى نهر المبارك، فلقيه هناك في منتصف شهر رجب، وكان زيرك ونصير- لما خلّفهما الموفّق ليتتبّعا الزنج- انحدرا حتى وافيا الأبلّة، فاستأمن إليهما رجل أخبرهما: أن صاحب الزنج قد أرسل إليهما عددا كثيرا في الشذا والسميريّات إلى دجلة، ليمنع عنها من يريدها، وأنهم يريدون عسكر نصير- وكان عسكره بنهر المرأة،