وآلات القتال ما لا يحدّ، فلما التقى الجمعان أمر الموفّق غلمانه بالدنوّ منه، وبينهم وبين ذلك السور نهر الأتراك، وهو نهر عريض كثير الماء فأحجموا عنه، فصاح بهم الموفّق وحرّضهم على العبور، فعبروا سباحة والزنج ترميهم بالمجانيق والمقاليع والحجارة والسهام، فصبروا حتى جاوزوا النهر وانتهبوا إلى السور، ولم يكن معهم من الفعلة من كان أعدّ لهدم السور، فتولّى الغلمان تشعيث السور بما كان معهم من السلاح، وسهّل الله تعالى ذلك وكان معهم بعض السلاليم، فصعدوا على ذلك إلى السور، ونصبوا علما من أعلام الموفّق، فانهزم الزنج عنه وسلّموه بعد قتال شديد، وقتل من الفريقين خلق كثير، ولما علا أصحاب الموفّق السور أحرقوا ما كان عليه من مجانيق وآلات وغير ذلك، وكان أبو العبّاس قصد ناحية أخرى، فمضى على بن أبان لقتاله فهزمه أبو العبّاس وقتل جمعا كثيرا من أصحابه، ولحق أصحاب أبى العبّاس بالسور فثلموا فيه ثلمة، ودخلوه فلقيهم سليمان ابن جامع فقاتلهم حتى ردّهم إلى مواضعهم، ثم إن الفعلة وافوا السور فهدموه في عدة مواضع، وعملوا على الخندق جسر فعبر الناس عليه من ناحية الموفّق، فانهزم الزنج عن سور ثان «١» كانوا قد اعتصموا به، وجعل أصحاب الموفّق يقتلونهم حتى انتهوا إلى نهر ابن سمعان، وقد صارت دار ابن سمعان في أيدى أصحاب الموفّق فأحرقوها، وقاتلهم الزنج هناك ثم انهزموا حتى بلغوا ميدان صاحبهم، فرجع في جمع من أصحابه فانهزم أصحابه عنه، وقرب منه بعض رجّالة الموفّق، فضرب