للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجه فرسه بترسه وذلك مع مغيب الشمس، فأمر الموفّق الناس بالرجوع فرجعوا، ومعهم من رؤوس أصحابه شىء كثير، وقد استأمن إلى أبى العباس أوّل النهار نفر من قوّاد صاحب الزنج، فتوقف عليهم حتى حملهم في السفن.

وأظلم الليل وهّبت ريح عاصف وقوى الجزر، فلصق أكثر السفن بالطين، فخرج جماعة من الزنج فنالوا من أصحابه، وقتلوا منهم نفرا، وكان بهبوذ بازاء مسرور البلخى فأوقع بأصحاب مسرور، وقتل منهم وأسر جماعة، فكسر ذلك من نشاط أصحاب الموفّق، وكان بعض أصحاب صاحب الزنج قد انهزم على وجهه نحو نهر الأمير وعبّادان، وهرب جماعة من الأعراب إلى البصرة، فأرسلوا يطلبون الأمان فأمّنهم الموفّق، وخلع عليهم وأجرى عليهم الأرزاق، وكان ممّن رغب في الأمان من قوّاده ريحان بن صالح المغربى- وكان من رؤساء أصحابه، فأرسل يطلب الأمان وأن يرسل جماعة إلى مكان ذكره ليخرج إليهم، ففعل الموفّق فصار إليه فخلع عليه وأحسن إليه ووصله، ثم ضمّه إلى أبى العبّاس، ثم استأمن بعده جماعة من أصحابه، وكان خروج ريحان إليه لليلة بقيت من ذى الحجّة من هذه السنة.

وفي سنة ثمان وستين ومائتين في المحرّم خرج إلى الموفّق من قوّاد صاحب الزنج جعفر بن إبراهيم المعروف بالسجّان، وكان من ثقات أصحابه فارتاع لذلك، وخلع عليه الموفّق وأحسن إليه، وحمله في سميرية إلى ازاء قصر صاحبه، وأخبرهم أنّهم في غرور وأعلمهم بما وقف عليه من كذب الخبيث وفجوره، فاستأمن في ذلك اليوم خلق كثير من قوّاد الزنج وغيرهم، فأحسن إليهم الموفّق وتتابع الناس في