ضعيفا أو شيخا أو جريحا قد أزمنته الجراحة كساه وأعطاه دراهم، وأمر به أن يحمل إلى عسكر صاحب الزنج، فيذكر ما رأى من الإحسان، فتهيّأ له بذلك ما أراد من استمالة أصحاب الخبيث، وجعل الموفّق وابنه أبو العبّاس يلازمان قتال صاحب الزنج- تارة هذا وتارة هذا- وجرح أبو العبّاس ثم برىء، وكان من جملة من قتل من أعيان قوّاد صاحب الزنج بهبوذ بن عبد الوهاب، وكان كثير الخروج في السميريّات، وكان ينصب عليها أعلاما تشبه أعلام الموفّق، فإذا رأى من يستضعفه أخذه، فأخذ من ذلك ما لا جزيلا، فواقعه في بعض خرجاته أبو العباس، فأفلت بعد أن أشفى على الهلاك، ثم خرج مرّة أخرى فرأى سميريّة، فيها بعض أصحاب أبى العباس فقصدها طامعا في أخذها، فحاربه أهلها فطعنه غلام من غلمان أبى العبّاس في بطنه، فسقط في الماء فأخذه أصحابه فحملوه إلى عسكر صاحبه، فمات قبل وصوله وكان قتله من أعظم الفتوح، وعظمت الفجيعة على صاحب الزنج وأصحابه، فاشتد جزعهم عليه، وأحسن الموفّق إلى ذلك الغلام فوصله وكساه وطوّقه وزاد في رزقه، وفعل بكل من كان معه في تلك السميريّة نحو ذلك، ثم ظفر بالذوائبى «١» وكان ممايلا لصاحب الزنج.
وفي سنة تسع وستين ومائتين رمى الموفّق بسهم في صدره، وكان سبب ذلك أنّ بهبوذ لما هلك طمع صاحب الزنج في أخذ أمواله، وكان قد صحّ عنده أن ملكه قد حوى مائتى ألف دينار وجواهر وفضّة، فطلب