ذلك وأخذ أهله وأصحابه فضربهم، وهدم أبنيته طمعا في المال فلم يجد شيئا، فكان فعله مما أفسد قلوب أصحابه عليه، ودعاهم إلى الهرب منه، فأمر الموفّق بالنداء بالأمان في أصحاب بهبوذ، فسارعوا إليه فألحقهم في العطاء بمن تقدّم، ورأى الموفّق ما كان يتعذّر عليه من العبور إلى الزنج، فى الأوقات التى تهب فيها الرياح لتحرّك الأمواج، فعزم على أن يوسّع لنفسه ولأصحابه موضعا في الجانب الغربى، فأمر بقطع النخل واصلاح المكان، وأن تعمل له الخنادق والسور ليأمن البيات، فعلم صاحب الزنج أنّ الموفّق إذا جاوره قرّب على من يريد اللحاق به المسافة، مع ما يدخل قلوب أصحابه من الخوف وانتقاض تدبيره عليه فاهتمّ بمنع الموفّق من ذلك وبذل الجهد فيه وقاتل أشد القتال، فاتفق أن الريح عصفت في بعض تلك الأيام وقائد من القواد هناك، فانتهز صاحب الزنج الفرصة في انفراد هذا القائد وانقطاع المدد عنه فسيّر إليه جميع أصحابه فقاتلوه فهزموه، وقتلوا كثيرا من أصحابه ولم يجد الشذاوات التى لأصحاب الموفّق سبيلا إلى القرب منهم، خوفا من الزنج أن تلقيها على الحجارة فتنكسر، فغلب الزنج عليهم وأكثروا القتل والأسر، ومن سلّم منهم ألقى نفسه في الشذاوات وعبروا إلى الموفقيّة فعظم ذلك على الناس، ونظر الموفّق فرأى أنّ نزوله بالجانب الغربى لا يأمن معه حيلة الزنج وصاحبهم وانتهاز فرصة لكثرة الأدغال وصعوبة المسالك، وأنّ الزنج أعرف بتلك المضايق وأجرأ عليها من أصحابه، فترك ذلك وجعل قصده إلى هدم سور صاحب الزنج وتوسعة الطرق والمسالك، فأمر بهدم السور من ناحية النهر المعروف بمنكى، وباشر الحرب بنفسه واشتد القتال، وكثر القتل