للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صاحب الزنج، لينقطع الناس عن الرجوع فشكرهم وأثنى عليهم وأمرهم بالتأهّب. وأقام الموفّق بعد ذلك إلى يوم الجمعة يصلح ما يحتاج الناس إليه، وأمر الناس بالمسير إلى حرب الزنج بكرة السبت، وطاف عليهم بنفسه يعرّف كل قائد مركزه والمكان الذى يقصده.

وغدا الموفّق يوم السبت لليلتين «١» خلتا من صفر سنة سبعين وعبر الناس، وأمر بردّ السفن فردّت، وسار يقدمهم إلى المكان الذى قدّر أن يلقاهم فيه، وكان صاحب الزنج وأصحابه قد رجعوا إلى مدينتهم بعد انصراف الجيش عنهم، وأمّلوا أن تتطاول بهم الأيام وتندفع عنهم المناجزة، فوجد الموفّق المتسرّعين من غلمانه من الفرسان والرجّالة قد سبقوا الجيش، فأوقعوا بصاحب الزنج وأصحابه وهزموهم بها، وتفرّقوا لا يلوى بعضهم على بعض، وتبعهم أصحاب الموفّق يقتلون ويأسرون من لحقوا منهم، فانقطع صاحب الزنج في جماعة من حماة أصحابه منهم المهلبىّ، وفارقه ابنه انكلاى وسليمان بن جامع، فقصد كل فريق منهم جمعا كثيفا من الجيش، وكان أبو العبّاس قد تقدّم فلقى المنهزمين في الموضع المعروف بعسكر ريحان، فوضع أصحابه فيهم السلاح، ولقيهم طائفة أخرى فأوقعوا بهم وقتلوا منهم جماعة، وأسروا سليمان بن جامع فأتوا به الموفّق من غير عهد ولا عقد، فاستبشر الناس بأسره، وأسر بعده إبراهيم بن جعفر الهمدانى- وكان أحد أمراء جيوشه- فأمر الموفّق بالاستيثاق منهما، ثم إنّ الزنج الذين انفردوا مع صاحبهم حملوا على الناس