للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حملة أزالوهم عن مواقفهم ففتروا، فجدّ الموفّق في طلبهم وأمعن، فتبعه أصحابه وانتهى إلى آخر نهر أبى الخصيب، فلقيه البشير بقتل صاحب الزنج، وأتاه بشير آخر ومعه كفّ ذكر أنّها كفّه، ثم أتاه غلام من أصحاب لؤلؤ يركض ومعه رأس صاحب الزنج، فعرض الموفّق الرأس على جماعة من المستأمنة فعرفوه، فخرّ لله ساجدا وسجد معه الناس، وأمر برفع الرأس على قناة فعرفه الناس.

قال: ولما أحيط بصاحب الزنج كان معه المهلبى وحده، فولّى عنه هاربا وقصد نهر فألقى نفسه فيه، وكان انكلاى قد سار نحو الدينارىّ ورجع الموفّق والرأس بين يديه وسليمان بن جامع، فأتى مدينته وأتاه من الزنج عالم عظيم يطلبون الأمان فأمنهم، وانتهى إليه خبر انكلاى والمهلبىّ ومكانهما ومن معهما من مقدّمى الزنج، فبث أصحابه في طلبهم وأمرهم بالتضييق عليهم، فلما أيقنوا ألّا ملجأ أعطوا بأيديهم فظفر بهم وبمن معهم وكانوا زهاء خمسة آلاف، فأمر بالاستيثاق من المهلبىّ وانكلاى، وكان ممّن هرب قرطاس الرومىّ الذى رمى الموفّق بالسهم فى صدره، فانتهى إلى رامهرمز فعرفه رجل فدل عليه عامل البلد، فأخذه وسيّره إلى الموفّق فقتله ابنه أبو العبّاس، ثم استأمن درمويه الزنجى إلى أبى أحمد الموفّق، وكان درمويه هذا من أنجاد الزنج وأبطالهم، وكان صاحب الزنج قد وجّهه قبل هلاكه بمدّة إلى موضع كثير الأدغال والشجر والآجام متصل بالبطيحة، وكان هو ومن معه يقطعون الطريق هناك على السابلة في زواريق خفاف، فإذا طلبوا دخلوا الأنهار الضيّقة واعتصموا بالأدغال، وإذا تعذّر عليهم مسلك لضيقه حملوا سفنهم ولجأوا إلى الأمكنة الوسيعة، ويغيرون على قرى البطيحة