للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقطعون الطريق، فظفروا بجماعة من عسكر الموفّق معهم نساء قد عادوا إلى منازلهم، فقتلوا الرجال وأخذوا النساء، فسألهنّ درمويه عن الخبر فأخبرنه بقتل صاحب الزنج وأسر أصحابه وقوّاده، وأن كثيرا منهم قد صار إلى الموفّق بالأمان فأحسن إليهم، فسقط في يده ولم ير لنفسه ملجأ إلا طلب الأمان والصفح عن جرمه، فأرسل إلى أبى أحمد الموفّق يطلب الأمان فأجابه إلى ذلك وأمّنه، فخرج هو ومن معه حتى وافى عسكر الموفّق فأحسن إليهم وأمّنهم، فلما اطمأن درمويه أظهر ما كان في يده من الأموال والأمتعة، وردّها إلى أربابها ردا ظاهرا فعلم بذلك حسن نيّته فزاد الموفّق في الإحسان إليه، وأمر أن يكتب إلى أمصار المسلمين بالنداء في أهل النواحى التى دخلها الزنج بالرجوع إلى أوطانهم، فسارع الناس إلى ذلك.

وأقام الموفّق بالمدينة الموفقيّة ليأمن الناس بمقامه، وولّى البصرة والأبلّة وكور دجلة رجلا من قواده قد حمد مذهبه وعلم حسن سيرته يقال له العبّاس بن تركس، وأمره بالمقام بالبصرة، وولى قضاء البصرة والأبلّة وكور دجلة محمد بن حمّاد، وقدم ابنه أبا العباس إلى بغداد ومعه رأس صاحب الزنج ليراه الناس، فبلغها لاثنتى عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى من هذه السنة.

قال: وكان خروج صاحب الزنج يوم الأربعاء لأربع بقين من شهر رمضان سنة خمس وخمسين ومائتين، وقتل يوم السبت لليلتين خلتا من صفر سنة سبعين ومائتين، فكانت أيّامه أربع عشرة سنة وأربعة أشهر وستة أيّام.

انقضت أخبار صاحب الزنج فلنذكر أخبار القرامطة