وخالف دعوته وأفسد شريعته وسلك بالناس غير طريقته، وعاند الخلفاء من بعده، وخلط بين حقّه وباطل غيره فتحيّر وحيّر من قبل منه، وصار الناس إلى أنواع الضلالات به وبأتباعه، وقالوا لهم حينئذ- كالنصحاء الحكماء-: إنّ دين محمد لم يأت بالتحلى ولا بالتمرّى، ولا بأمانىّ الرجال ولا شهوات الخلق، ولا بما خفّ على الألسنة وعرفته دهماء العامّة، وإنما الدين صعب مستصعب، أمر مستثقل وعلم خفى غامض، سيّره الله في حجبه وعظّم شأنه عن ابتذال الأشرار له، فهو سرّ الله عزّ وجلّ المكتوم وأمره المستور، الذى لا يطيق حمله ولا ينهض بأعبائه وثقله إلا ملك مقرّب أو نبىّ مرسل، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للايمان، فى أمثال هذا الكلام، ويموّه على من لا يعلم بأنّهم لو أظهروا ما عندهم من العلم لأنكره من يسمعه، وتعجّب منه وكفّر أهله، وهذه مقدّمة يجعلونها في نفوس المخدوعين، ليواطئوهم على ألّا ينكروا ما يسمعونه منهم ولا يدفعوه، فيجعلوا ذلك تأنيسا وتأسيسا لينخلع من الشرائع وترتيب أصولها والحرص على طلبها، وربما قالوا لهم شيئا يموّهون به أن له تفسيرا، وإنما هو تقليد فى الديانة.
فمن مسائلهم: ما معنى رمى الجمار؟ والعدو بين الصفا والمروة؟
ولم قضت الحائض الصيام ولم تقض الصلاة؟ وما بال الجنب يغتسل من ماء دافق لشىء طاهر منه البشر، ولا يغتسل من البول النجس الكثير القذر، وما بال الله تعالى خلق الدنيا في ستة «١» أيام؟ أعجز