«١» فأى شىء رآه الكفّار في أنفسهم وفي الآفاق فعرفوا أنّه الحق؟ وأى حق عرفه من جحد الديانة؟ أولا يدلّكم هذا على أنّ الله عزّ وجلّ أراد أن يدلّكم على بواطن الأمور الخفيّة وأمور في باطنه، و [لو]«٢» عرفتموه لزالت عنكم كل حيرة وشبهة، ووقعت لكم المعارف السنيّة، أولا ترون أنّكم جهلتم أنفسكم؟ التى من جهلها كان حريا بأن لا يعلم غيرها، أوليس الله تعالى يقول (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلًا)
«٣» ، وأمثال هذه الأمور مما يسألون عنه ويعرضون به من تأويل القرآن وتفسير ألفاظ كثيرة من ألفاظ السنن والأحكام، والجواب معان يفسّر بها وضع الشرائع السمعيات فيما رفع منها وما «٤» نصب، وكثير من أبواب التعديل والتجويز «٥» مما يأتى في المقالة الثانية إن شاء الله تعالى، فإن أوجب ذلك للمسئول عنه شكا وحيرة واضطرابا وتعلّقت نفسه بالجواب عنه، وتشوّق إلى معرقته فسألهم عنه عاملوه بمثل ما يفعل به صاحب الفأل والزرّاق والقصّاص على العوامّ عند امتلاء صدورهم بما يفخرون به أولا عندهم من أحوال قد عرفوها من أحوالهم، فهم إلى معرفتها أكثر الحاجة وعلقوا بمعرفتها أنفسهم، وعند بلوغ القصاص إلى ما يبلغون إليه يقطعون الحديث، لتعلّق قلوب المستمعين بما يكون