بعده، وهذه صفة الدعاة وحالهم، يقدمون على الكلام والمسائل ثم يقطعون فتتعلق أنفس المغرورين، بما قد تأخّر من القول الذى قدّموا له مقدّمة، فإذا خاطبهم على علم معرفته تأويل البيان قالوا له: لا تعجل، فإنّ دين الله أجلّ وأكبر من أن يبذل لغير أهله، ويجعل عرضا للّعب وما جانسه، ويقولون: قد جرت سنّة الله جلّ وعزّ في عباده عند شرع من نصبه من النبيّين أخذ الميثاق، كما قال تعالى (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً)
«١» وقال تعالى (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)
«٢» وقال جلّ ذكره (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)
«٤» وقال تعالى (لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ ... )
«٥» فى أمثال هذا خبّر الله عز وجلّ فيه أنّه لم يملك حقّه إلا لمن أخذ عهده، فأعطنا صفقة يمينك بالتوكيد من أيمانك وعقودك، ألّا تفشى لنا سرا ولا تظاهر علينا أحدا ولا تطلب لنا غيلة، ولا تكلّمنا إلا نصحا ولا توال علينا عدوا، فى أمثال لهذا، وإنّما غرضهم في ذلك كلّه أمور: منها أن يستدلّوا بها بظاهر