للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصاروا تحت أمره، ثم وجّه أبو سعيد بجيش آخر إلى بنى عقيل فظفر بهم، فقصدوه ودخلوا في طاعته، فملك تلك الفلاة، وتجنّب قتاله كلّ أحد إلا بنى ضبّة، فإنها ناصبته الحرب، فلما اجتمع «١» إليه من اجتمع من العرب وغيرهم خوّفهم ومنّاهم ملك الأرض كلها، فاستجاب بعضهم إلى دعوته فردّ إليهم ما أخذ منهم من أهل وولد، وأجاب آخرون رغبة في دعوته، ولم يردّ على أحد إبلا ولا عبدا ولا أمة وأنزل الجميع معه الأحساء، وأبى قوم دعوته فردّ عليهم حرمهم ومن لم يبلغ من أولادهم أربع سنين وشيئا من الإبل يحملون عليه، وحبش ما سوى ذلك كله، وجمع الصبيان في دور وأقام عليهم قوّاما، وأجرى عليهم ما يحتاجون إليه، ووسم جميعهم على الخدود لئلا يختلطوا بغيرهم، وعرّف عليهم عرفاء، وعلّم من صلح لركوب الخيل والطعان فتشأوا لا يعرفون غيره، وصارت دعوته طبعا لهم، وقبض كل مال في البلد والثمار والحنطة والشعير، وأنفذ الرعاة في الإبل والغنم، وقوما للنزول معها لحفظها والتنقّل معها على نوب معروفة، وأجرى على أصحابه جرايات فلم يكن يصل أحد إلى غير ما يطعمه، وهو لا يغفل مع ذلك عن هجر، فلما أضجروه وطال أمرهم وقد كان بلغ منهم الحصار كل غاية، وأكلوا السنانير والكلاب وكان حصارهم يزيد على عشرين شهرا، ثم جمع أصحابه وحشد لهم وعمل الدبّابات، ومشى بها الرجال إلى السور، فاقتتلوا أشد قتال لم يقتتلوا مثله قبل ذلك، ودام القتال عامّة النهار، وكلّ منتصف من الآخر، وكثرت