بينهم القتلى، ثم رجع إلى الأحساء، ثم باكرهم فناوشوه فانصرف، فلما قرب من الأحساء أمر الرجّالة ومن جرح أن ينصرف، وعاود فى خيل فدار حول هجر، وفكّر فيما يكيدهم به، وإذا لهجر عين عظيمة كثيرة الماء، يخرج من نشز من الأرض غير بعيد منها، ثم يجتمع ماؤها في نهر ويستقيم حتى يمرّ بجانب هجر ملاصقا، ثم ينزل إلى التخيل فيسقيها، فكانوا لا يفقدون الماء في حصارهم، فلما تبيّن له أمر العين انصرف إلى الأحساء، ثم غدا فأوقف على باب المدينة عسكرا، ثم رجع إلى الأحساء وجمع الناس كلّهم وسار في آخر الليل فورد العين بكرة بالمعاول والرمل وأوقار الثياب الخلقان ووبر وصوف وأمر قوما بجمع الحجارة وآخرين ينفذون بها إلى العين، وأعدّ الرمل والحصى والتراب، فلما «١» اجتمع أمر أن يطرح الوبر والصوف وأوقار الثياب في العين، وأن يطرح فوقها الرمل والحصى والتراب «٢» والحجارة ففعل ذلك، فقذفته العين ولم يغن ما فعلوه شيئا، فانصرف إلى الأحساء هو ومن معه، وغدا في خيل فضرب في البرّ، وسأل عن منتهى العين فقيل له إنّها تتصل بساحل البحر، وأنّها تنخفض كلّما نزلت، فردّ جميع من «٣» كان معه وانحدر على النهر نحوا من ميلين ثم أمر بحفر «٤» نهر هناك، ثم أقبل هو وجمعه يأتون في كل يوم، والعمّال يعملون حتى حفره إلى السباخ، ومضى الماء كله عنهم فصبّ في البحر، فلما تمّ له ذلك نزل على هجر وقد انقطع الماء عمّن بها،