الشيخ في نحو مائة من أصحابه على ميمنة أبى سعيد، فأوغل فيهم فلم يرجع منهم أحد، وحمل أبو سعيد على العبّاس وأصحابه فانهزموا، وأسر العبّاس بن عمرو ومعه «١» نحو من سبعمائة رجل من أصحابه، واحتوى القرامطة على عسكره، وقتل أبو سعيد من غديومة جميع الأسرى ثم أحرقهم، وترك العبّاس بن عمرو «٢» ومضى المنهزمون فتاه كثير منهم في البرّ وتلف كثير منهم عطشا، وورد قوم منهم البصرة فارتاع الناس لهم، حتى أخذوا في الانتقال عن البصرة فمنعهم الواثقى.
قال: ولما كان بعد الوقعة بأيام أحضر أبو سعيد الجنّابى العبّاس ابن عمرو، وقال له: أتحب أن أطلقك؟ قال: نعم قال: على أن تبلغ عنى صاحبك ما أقول، قال: أفعل، قال: تقول الذى أنزل بجيشك ما أنزل بغيك، هذا بلد كان خارجا عن يدك غلبت عليه وأقمت به وكان فيّ من الفضل ما آخذ غيره، فما عرضت لما كان في يدك ولا هممت به، ولا أخفت لك سبيلا، ولا نلت أحدا من رعيّتك بسوء، فتوجيهك إلىّ الجيوش لأى سبب؟! اعلم إنّى لا أبرح عن هذا البلد ولا يوصل إليه وفيّ، وفي هذه العصابة التى معى روح، فاكفنى نفسك ولا تتعرّض لما ليس لك فيه فائدة، ولا تصل إلى مرادك منه إلا ببلوغ القلوب الحناجر، وأطلقه وأرسل معه من يردّه إلى مأمنه، فأوردوه بعض السواحل فصادف مركبا فركب فيه إلى الأبلة، ووصل إلى بغداد في شهر رمضان من السنة. قال: وقد كان الناس يعظّمون