أمر العباس ويكثرون ذكره ويسمّونه قائد الشهداء، فلما وصل إلى المعتضد بالله عاتبه على تركه الاستظهار والتحرّز وأنّبه، فاعتذر بهرب بنى ضبّة ومن كان معهم من المطوّعه وهرب أصحابه عنه، وأنّه لو أراد الهرب لأمكنه، فلم يبرح حتى رضى عنه وزال همّه، ثم سأله عن خبره فعرّفه جميعه، ووصف له أحوال القرامطة وما قاله أبو سعيد بعد أن استأذنه في ذلك فأذن له، فقال: صدق ما أخذ شيئا كان في أيدينا، وأطرق مفكرا ثم رفع رأسه، فقال: كذب عدوّ الله الكافر، المسلمون رعيّتى حيث كانوا من بلاد الله، والله لئن طال بى عمر لأشخصنّ بنفسى إلى البصرة وجميع غلمانى، ولأوجهنّ إليه جيشا كثيفا فإن هزمه وجّهت جيشا، فإن هزمه خرجت في جميع قوّادى وجيشى إليه، حتى يحكم الله بينى وبينه، وشغله بعد ذلك أمر وصيف غلام ابن أبى السّاج وأحفزه، فخرج في طلبه وهو عليل، وذلك في شوّال من هذه السنة، فأخذه وعاد إلى بغداد فدامت علّته واستمرّ وجعه ومات.
قال القاسم بن عبيد الله: ما زال أمير المؤمنين المعتضد بالله يذكر أمر أبى سعيد في مرضه ويتلهّف، فقلت: ما هذا يا أمير المؤمنين؟
قال: حسرة في نفسى كنت أحب أن أبلغها قبل موتى، والله لقد كنت وضعت في نفسى أن أركب، ثم أخرج إلى باب البصرة متوجّها نحو البحرين، ثم لا ألقى أحدا أطول من سيفى إلا ضربت عنقه، وإنى أخاف أن يكون من هناك حوادث عظيمة.
قال: وأقبل أبو سعيد بعد اطلاق العبّاس على جمع الخيل وإعدا