أميال، وذكر في كتابه أن الحسن بن زكرويه لم يشهد هذا المصاف وأنّه يشخص إليه إلى سلمية. قال الشريف رحمه الله: وكان الحسن ابن زكرويه- لما أحسّ بقرب الجيوش- عرض أصحابه، وأخرج الأقوياء منهم عن الضعفة والسواد، وأنفذ الجيش وتخلّف هو في السواد والضعفة، فلما انهزم أصحابه ارتاع لذلك ورحل لوقته وسار خوفا من الطلب، وتلاحق به من أفلت من أصحابه، فخاطبهم بأنّهم أتوا من قبل أنفسهم وذنوبهم وأنّهم لم يصدقوا الله، وحرّضهم على المعاودة إلى الحرب فلم يجبه منهم أحد إلى ذلك، واعتلّوا بفناء الرجال وكثرة الجراح فيهم، فلما أيس منهم قال لهم: قد كاتبنى خلق من أهل بغداد بالبيعة لى، ودعاتى بها ينتظرون أمرى، وقد خلت من السلطان الآن، وأنا شاخص نحوها لأظهر بها، ومستخلف عليكم أبا الحسين القاسم بن أحمد صاحبى، وكتبى ترد عليه بما يعمل به فاسمعوا له وأطيعوا أمره فضمنوا له ذلك، وشخص معه قريبه عيسى ابن أخت مهرويه المسمّى بالمدثّر وصاحبه المطوّق وغلام له رومىّ، وأخذ دليلا يرشدهم إلى الطريق وساروا يريدون سواد الكوفة، وسلك البرّ وتجنّب المدن والقرى، حتى إذا صار قريبا من الدالية نفد زاده، فأمر الدليل فمال بهم إليها، ونزل بالقرب منها خلف رابية، ووجّه بعض من كان معه لابتياع ما يصلحه، فلما دخلها أنكر زيّه بعض أهلها وساء له عن أمره فورى وتلجلج، فاستراب به وقبض عليه وأتى به واليها، وكان يعرف بأبى خبزة يخلف أحمد بن كشمرد صاحب الحرب بطريق الفرات، قال: والدالية قرية من عمل الفرات، قال:
فسأله أبو خبزة عن خبره ورهب عليه، فعرّفه أن القرمطى، الذى