خرج أمير المؤمنين المكتفى بالله في طلبه، خلف رابية أشار إليها، فسار أبو خبزة إلى ذلك الموضع ومعه جماعة بالسلاح حتى أشرف عليهم، فأخذهم وشدّهم وثاقا وتوجه بهم إلى صاحبه ابن كشمرد، فسار بهم إلى المكتفى وهو يومئذ بالرقّة، فأمر أن يشهّروا بها ففعل بهم ذلك، وألبس الحسن بن زكرويه درّاعة ديباج وبرنس من حرير وهو على بختىّ، والمدثّر والمطوّق على جملين عليهما درّاعتا ديباج وبرانس حرير، وهم بين يديه، وذلك في يوم الأربعاء لأربع بقين من المحرم سنة إحدى وتسعين ومائتين.
قال: وقدم محمد بن سليمان الكاتب الرقّة والجيوش معه، بعد أن تتبّعوا ما بقى من القرامطة فأسروا وقتلوا، فخلف المكتفى بالله عساكره مع محمد بن سليمان بالرقّة، وشخص في خاصّته وغلمانه وتبعه وزيره القاسم بن عبيد الله إلى بغداد، وحمل القرمطى وأصحابه معه ومن أسر في الوقعة، وذلك في أول يوم من صفر سنة إحدى وتسعين ومائتين، فلما صار إلى بغداد عمل له دميانه غلام يا زمان كرسيّا سمكه ذراعان ونصف، وركّبه على فيل وأركبه عليه ودخل المكتفى بالله وهو بين يديه مع أصحابه الأسرى، عليهم دراريع الديباج والبرانس والمطوّق في وسط الأسرى على جمل، وهو غلام حدث قد جعل في فيه خشبة مخروطة قد شدّت إلى قفاه كاللجام، وذلك أنّهم في وقت دخولهم الرقّة أكثر الناس الدعاء عليهم، فكان هو يشتم الناس الذين يدعون عليهم ويبصق عليهم، وكان دخولهم كذلك لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول من هذه السنة.