منها، وكان بها مستترا كما ذكرنا فيما تقدّم، فقال القاسم للعسكر:
هذا صاحبكم وسيّدكم ووليّكم الذى تنتظرونه، فترجّلوا بأجمعهم وألصقوا خدودهم بالأرض، وضرب لزكرويه مضرب عظيم وطافوا به وسرّوا سرورا عظيما، واجتمع إليه أهل دعوته من أهل السواد فعظم جيشه جدا، وكان إسحاق بن عمران قد كتب إلى العباس بن الحسن «١» وزير المكتفى- يخبره خبر القرامطة ومهاجمتهم على الكوفة وما كان من خبرهم، وأثنى على من عنده من الجند وذكر حسن بلائهم، فلما وصل إليه الكتاب قلق له، وشاور بعض أصحابه في لقاء الخليفة المكتفى بالله بذلك، فأشار عليه بتعجيله بذلك، فقال الوزير:
كيف ألقاه بهذا مع ما يحتاج إليه من الأموال ولعهدى به، وقد ناظرنى منذ يومين في دينار واحد، ذكر أنّه فضل بقيّة نفقة رفعت إليه، فقال له صاحبه: أيها الوزير إن أسعفك وإلا ففى أموال خدمك وأسبابك فضل فوظفها علينا، وتنفق فيها، فقال: فرّجت، والله- عنى، ثم لبس ثيابه وأبى إلى المكتفى بالله فدخل عليه في غير وقت الدخول فعرّفه الخبر، فقال له المكتفى: كأنّك يا عباس قد قلت: كيف أخبر أمير المؤمنين بمثل هذا وقد ناظرنى في دينار فضل نفقة! فقال: قد كان ذاك يا أمير المؤمنين، قال: إنّما جرى ذلك لمثل هذا، فلا تبخل بمال في مثل هذا، وأباحه الأموال والإنفاق في