الرجال ليلا ونهارا، فأنفذ الوزير جنىّ «١» الصفوانى ومباركا القمّى ونحرير العمرى ورائقا وطائفة من الغلمان الحجرية وجماعة من القوّاد فى جيش عظم، فوصل أوائلهم في اليوم السادس من يوم النحر، فركب إليهم إسحاق بن عمران وذكر لهم قوّة من لقى من القرامطة، وأنّه قد مارسهم، وحذّرهم أن يغتروا بهم، وقال لهم: سيروا إلى القادسيّة فإنّ بينكم وبينها مرحلة، وإذا صرتم بها فأريحوا واستريحوا وتجمّعوا، ثم سيروا إليهم وطاولوهم ونازلوهم فإنّ الظفر برجى بذلك فيهم عندى، ولا ترموا بأنفسكم عليهم فإنّهم صبر غير أنكال، فقال له بشر الأفشينى: إن رأيناهم كفيناك القول يا أبا يعقوب، إنما نخشى أن يهربوا، فدعا لهم بالنصر ورحلوا نحو القادسيّة، فباتوا بها ليلة ورحلوا في آخرها إلى الصوّان، وبين الموضعين نحو العشرة أميال، ورحلوا بالأثقال والفهود والبزاة وهم على غير تعبئة مستخفّين بهم، فأسرعوا السير ووصلوا وقد تعب ظهرهم وقلّ نشاطهم وقد عمد القرامطة فضربوا بيوتهم إلى جانب جرف عظيم لنهر هناك وأثقالهم مما يلى البيوت، والرجّالة في أيديهم السيوف، وقتالهم من وجه واحد صفا واحدا قدّام البيوت بقدر نصف غلوة، والفرسان جلوس خلف الرجّالة، فلما تراءى الفريقان ركب الفرسان وافترقوا فصاروا جناحين للرّجالة، وحملوا على الناس فصدقوهم الحملة فانكفأوا راجعين، وتلاقى الرجّالة من الفريقين، فأتت رجّالة العسكر على رجّالة القرامطة وألجأوهم إلى البيوت، وأقبلت الفرسان فنظروا إلى