كسرى، وهو واد كثير الماء العذب وبينه وبين صماخ عشرة أميال، فبات الجيش بصماخ وتراءت الطلائع في عشى يومئذ، ورحل زكرويه من غد وهو طامع بالظفر، فالتقوا بقرية خراب يقال لها إرم، بينها وبين الثنىّ ثلاثة أميال، وذلك يوم الأحد لسبع بقين من شهر ربيع الأول، فاقتتلوا قتالا شديدا صبر فيه الفريقان جميعا، ثم انهزم كرويه فقتل الجيش أكثر من معه، وأسر خلق كثير منهم وأفلت صعاليك من العرب على الخيل مجرّدين، ووصل إلى زكرويه- وهو في القبّة- فى أوائل السواد، فظنّوا أنّه في الخيل التى انهزمت، فقذف رجل بنار فوقعت في قبّته فخرج من ظهرها فألقى نفسه من مؤخّرها ولحقه بعض الرحّالة- وهو لا يعرفه- فضربه على رأسه ضربة أثخنته فسقط إلى الأرض فأدركه صاحب للجيم كان يعرفه فأخذه وصار به إليه، فأخذه لجيم وأركب الذى جاءه به نجيبا فارها، وقال له:
طر- إن أمكنك- حتى تأتى بغداد، وعرّف العبّاس بن الحسن الوزير أنّك رسولى إليه، واشرح له ما شاهدت وسلّم إليه الخاتم، فسار حتى دخل بغداد وأعلمه بالخبر.
قال: ومضى لجيم إلى وصيف والقاسم بن سيما فعرّفهما خبر زكروية واجتمعوا جميعا وكتبوا كتاب الفتح، ونهب الجيش عسكر القرامطة وأخذت زوج زكرويه واسمها مؤمنة وأخذ خليفته وجماعة من خاصّته وأقربائه وكاتبه، وانصرف العسكر نحو الكوفة فمات زكرويه بخفّان من جراحات أصابته، فصبّر وكفّن وحمل على جمل إلى بغداد، وأدخلت جثّته وزوجته وحرم أصحابه وأولادهم والأسرى ورؤوس من قتل بين يديه وخلفه ونساؤه في الجوالقات.