النساء هما وغما، قال: وخفى أمر زكرويه، لا يعلم أين توجه، وقد كان أخذ ناحية مطلع الشمس، فتقدّم المكتفى يتتبّع أحواله وإشحان البلدان- التى يخاف مصيره إليها- بالرجال، وأنفذ وصيف ابن صوارتكين ولجيم بن الهيصم والقاسم بن سيما في جيش عظيم بالميرة والزاد والمال والجمال، لاستقبال الناس وإزاحة عللهم، وتقدّم يطلب زكرويه حيث كان، إلى أن وردت كتب أهل فيد بخبره، فكوتب عند ذلك إسحاق «١» بن كنداج بأن يلزم القادسيّة ونواحى الكوفة بجيشه، وكوتب لجيم بالمسير إلى خفّان ومعارضة زكرويه حيث كان، وأن ينفذ الطلائع والأعراب ويرغّبوا في تتبّع حاله حتى يعرف، فجاءت الأخبار بما غلب على ظنّهم، أنّه لم يخط ناحية البصرة وأنّه يقصد الاجتماع مع أبى سعيد الجنابى وهو المقدّم ذكره، فاجتمع القوّاد وتشاوروا واستقبلوا طريقا يقال له الطريق الشامى، ويقال له طريق الطف وهو بين الكوفة والبصرة، وعملوا على المقام هناك ليكونوا بين الكوفة وواسط والبصرة، فساروا مستدبرى القبلة مستقبلى البصرة يرتحلون من ماء إلى آخر، حتى نزلوا يوم السبت لثمان بقين من شهر ربيع الأول سنة أربع وتسعين ومائتين ركيا فيه ماء بقرية خراب يقال لها صماخ، كان يسكنها على قديم الدهر قوم من ربيعة يقال لهم بنو عنزة، وبين هذا الموضع وبين البصرة ثلاثة أيام، فلقيهم قوم من الأعراب فخبّروهم أن القرامطة بالثنىّ، وهو موضع من ذى قار الذى كانت فيه وقعة العرب مع العجم في أيام