القافلة، فوجد الأمر قد فاته بقتل من كان أمامها، وقويت القرامطة على حربه ووجد الحاج قد أخذوا يمنة ويسرة، فحمل على القرامطة فاستقبلوه فقتل جماعة من أهل بيته صبروا معه، وانهزم وضرب على رأسه ضربة لم تضره إلا أنّه قد نزف منها، وأخذ أسيرا ونزل أبو طاهر القرمطى على غلوتين من القافلة، ورجّالته «١»
نحو من ستمائة على المطى فأنفذهم وفرسانا من فرسانه فأحاطوا بالقافلة «٢»
، ومنعوا الناس من الهرب، وكان قد هرب خلق منهم في وقت القتال، فتلف كثير منهم في الطريق عطشا وأخذ بعضهم الأعراب فسلبوهم، وسلم قوم منهم إلى زبالة وساروا إلى الكوفة، وأتى بأبى الهيجاء إلى سليمان فلما نظر إليه تضاحك، وقال: قد جئناك عبد الله ولم نكلّفك قصدنا، فتلطّف له أبو الهيجاء بفضل عقله ودهائه وسعة حيلته وقوّة نفسه، وألان له القول حتى أنس به، فاستأمنه على نفسه فأمّنه فخلّص بذلك ناسا كثيرا، وعمل في سلامة كثير من الحاج عملا كثيرا، ثم أمر القرمطى بتمييز الحاج وإخراجهم من القوافل، وعزل الجمّالين والصنّاع ناحية فظنّوا أنّه إنما أخرجهم للقتل فارتاعوا لذلك، وكانوا قد عطشوا عطشا شديدا، فلما جهنّم الليل ضجر الموكّلون منهم، فأخذوا ما معهم وخلوّهم، فورد من ورد منهم الكوفة بشرّ حال متورّمى الأقدام في صور الموتى، ورحل أبو طاهر من الغد بعد أن أخذ من أبى الهيجاء وحده نحوا من عشرين ألف دينار من الأموال التى لا تحصى كثرة، وقدم كثير من الناس بخبر