أبى طاهر وكتب إليه واطمعه في بغداد، وأظهر له المواطأة والتزم بمعاضدته فغرّه بذلك، حتى رحل بعيال وحشم واتباع وصبية، وجيشه على أقوى عدّة تمكّنه، وأقبل يريد الكوفة وعمّيت أخباره عن أهلها، إنّما هى أراجيف، ورحل يوسف بن أبى الساج بجيشه من واسط يريد الكوفة، فسبقه أبو طاهر إليها ودخلها في يوم الخميس لسبع خلون من شوّال من هذه السنة، وأخذ ما يحتاج إليه ونزل عسكره خارج الكوفة ما بين الحيرة إلى ناحية الخورنق، وأقبلت جيوش ابن أبى الساجّ تسيل من كل وجه على غير تعبئة، وأقبل هو في جيشه ورجاله حتى نزل في غربىّ الفرات، وعقد عليه جسرا محاذيا لأبى طاهر، وعبر إليه مستهينا بأمره مستحقرا له لا يرى أنّه يقوم به، وذلك في يوم الجمعة، فأرسل إلى أبى طاهر يدعوه إلى طاعة الخليفة المقتدر بالله أو الحرب في يوم الأحد، فقال:
لا طاعة إلا لله والحرب غدا، فلما كان في يوم السبت لتسع خلون من شوّال سنة خمس عشرة التقوا واقتتلوا قتالا شديدا عامّة النهار، وكثير من عسكر ابن أبى الساج لم يستتم نزوله، وهو جيش يضيق عنه موضعه ولا يملك تدبيره، وقد تفرّق عنه عسكره تفرّقا منتشرا في فراسخ كثيرة، وركبوا من نهب القرى وأذى الناس وإظهار الفجور ما؟؟؟ يمنى كثير من الناس هلاكهم. قال الشريف أبو الحسين: ولمّا لقيه بظهر الكوفة ما بين الحيرة والخورنق والنهرين من الفرات اتّفق له تلول وأنهار وموضع يضيق عن جيشه ولا يتمكّن معه الإشراف عليه، فقدّم بين يديه رجّالة بالرماح والتراس