، فأقبل القرمطى نحوه في أربعة آلاف فقاومته الرجّالة طويلا، ثم دخلتها الخيل وتعطفت عليها واضطرب الناس، فوضع فيهم السيف؛ قال الشريف: وأخبرنى بعض الجند قال: كنت والله قبل الهزيمة أريد أن أضرب دابّتى بالسوط فلا يمكننى ذلك لضيق الموضع، ووصل كثير من عسكر القرمطى إلى ابن أبى الساج في مصافه على أتمّ عدّة، فلما التقوا اقتتلوا كأعظم قتال شوهد، وكثرت القتلى والجراح في القرامطة جدا، وقتل رجّالة ابن أبى الساج، وخلص إليه فانهزم الناس وقتلوا قتلا ذريعا، حتى صاروا في بساط واحد نحو فرسخين أو أرجح، فلما كان عند غروب الشمس انهزم أصحاب ابن أبى الساج بعد صبر عظيم، وأسر هو وجماعة كثيرة من أصحابه، وذلك في وقت المغرب من يوم السبت، فوكل به أبو طاهر طبيبا يعالج جراحه، واحتوى القرامطة على عسكر ابن أبى الساج، ولم تكن فيهم قوّة على جمع ما فيه لضعفهم وقتل من قتل منهم، فمكث أهل السواد من الأكرة وغيرهم ينهبون القتلى نحو أربعين يوما، ووصل المنهزمون إلى بغداد بأسوأ حال، فخاف الخاص والعام ببغداد من القرامطة، وكان أبو طاهر القرمطى يظن أن مؤنسا المظفّر لا يتأخّر عن حربه، وكان على وجل منه، فلمّا لم يخرج إليه اشتد طمعه وظن أنّه لا يلقاه أحد ولا يقاومه، وأنّ ما كان قد خدع به من أنّ ببغداد من يظاهره على أمره، وينتظر وصوله إليه من الرؤساء- حق، فخرج يريد بغداد،