فلما قرب من نواحى الأنبار وقصر ابن هبيرة ونزل بسواده وكل بهم جندا ليست بالكثير، وركب في جيشه فوافى الأنبار واحتال إلى أن عبر الفرات وصار من الجانب الغربى، وتوجّه بين الفرات ودجلة يريد مدينة السلام، وعرف الناس ذلك فكثر اضطرابهم وجزعهم، فبرز مؤنس المظفّر الخادم من بغداد للمسير إلى الكوفة، فبلغه أنّ القرامطة قد ساروا إلى عين التمر، فأرسل من بغداد خمسمائة سمارية فيها المقاتلة لتمنع من عبور الفرات، وسيّر جماعة من الجيش لحفظ الأنبار، وقصد القرامطة الأنبار فقطع أهلها الجسور، فنزلوا غرب الفرات وأنفذ أبو طاهر أصحابه إلى الحديثة، فأتوه بسفن فعبر فيها ثلاثمائة من القرامطة، فقاتلوا عسكر الخليفة وقتلوا منهم جماعة واستولوا على الأنبار؛ قال: ولما ورد الخبر بذلك إلى بغداد خرج نصر الحاجب في عسكر جرّار، ولحق بمؤنس المظفّر فاجتمعا في نيّف وأربعين ألفا سوى الغلمان ومن يريد النهب، وكان في العسكر أبو الهيجاء بن حمدان وإخوته وأصحابهم، فلما أشرف القرامطة على عسكر الخليفة هرب منه خلق كثير إلى بغداد من غير قتال؛ قال ابن الأثير «١»
: كان عسكر القرامطة ألف فارس وسبعمائة فارس وثماثمائة راجل؛ قال: وقيل كانوا ألفين وسبعمائة فارس.
قال الشريف: وسار مؤنس المظفّر حتى نازل القرامطة على قنطرة