فسقط فمات، وخرج أمير مكة ابن مجلب في جماعة من الأشراف إلى أبى طاهر، وسألوه في أموالهم فلم يشفّعهم فقاتلوه فقتلهم جميعا وطرح القتلى في بئر زمزم، ودفن الناس في المسجد الحرام حيث قتلوا من غير غسل ولا كفن ولا صلاة على أحد منهم، ونهب دور أهل مكة، قال الشريف أبو الحسين: ولما نهب القرامطة مكة ورجع أبو طاهر إلى بلده لحقه كدّ شديد عند خروجه من مكة، وحاصرته هذيل فأشرف على الهلكة إلى أن عدل به دليل من الطريق المعروف إلى غيره، فوصل إلى بلده بعد ذلك في المحرم سنة ثمانى عشرة وثلاثمائة، فأقام به ثم سار إلى الكوفة فدخلها في شهر رمضان سنة تسع عشرة وثلاثمائة، فاشتروا منها أمتعة وأسروا خلقا من السواد، وعاثوا ورجعوا بعد خمسين يوما إلى بلدهم، فأقاموا به.
وأنفذ أبو طاهر سريّة إلى جنّابه وسينيز ومهروبان في البحر، فيها وجوه أصحابه في نحو أربعين مركبا، فوافت ساحل سينيز فصعدوا من المراكب، فحملوا على أهلها حملة واحدة فانكشف الناس عنهم، فوضعوا فيهم السيف فمالقوا أحدا إلا قتلوه من رجل وامرأة، فما نجا إلا من لحق بالجبال وسبوا النساء، فترك الناس الديار وخرجوا يريدون الهرب، فنادى أبو بكر الطرازى في الناس:
لا هرب أحد، فإنّا نقاتل من ورد إلينا، وضرب بالبوق ووجّه من