حبس الناس عن سلوك الطرقات وردّهم إلى البلد، وجمع الناس بالمسجد الجامع ورغبّهم في الجهاد وأسعفهم بماله، ورغبت المتطوّعة في الاجتماع فقويت قلوب الناس، وأنفذ أبو بكر سريّة من وقته من خاصّة غلمانه في نحو ثلاثمائة رجل في البحر، ووجّه سريّة أخرى في البر، وأنفذ إلى مهروبان يخبر أنّه على لقاء العدوّ، وسألهم الإنجاد في المراكب لمعاونة أهل جنّابه على قتال القرامطة، فساروا والتقى الفريقان في البرّ والبحر من أهل جنابه وسينيز، ووافت قوارب مهروبان فأشعلوا النيران في القوارب، فأحرقوا بعضها وتخلص منهم نحو عشرين قاربا، وانتشبت الحرب فقتل الله منهم خلقا كثيرا، وأسر جماعة ولحق بعضهم بالجبال، وورد على أبى بكر الطرازى من أخبره بذلك، فجمع الناس وغدا نحو الجبال، وأرسل فارسا إلى من بسينيز من أصحابه أن يلحقوا به، وأنفذ إلى جنّابه ألّا يتخلّف عنه من فيه حراك، لتكون الوقعة بهم من كل وجه، فوافوا المنهزمين من القرامطة في بعض كهوف الجبال، وذلك في يوم الأربعاء فلمّا رأوا الناس قد أقبلوا نحوهم كسروا جفون سيوفهم، وحملوا عليهم فثبتوا لهم، ولم تزل الحرب قائمة بينهم يوم الأربعاء والخميس إلى نصف النهار، ثم نادى أبو بكر الطرازى: من جاء برأس فله خمسون درهما، فتنادى الناس بالشهادة وجدّوا ونشطوا، وقتلوا خلقا كثيرا وأخذوا جميع من بقى أسرى، وحملوا مشهرّين والناس يكثرون حمد الله عز وجلّ والثناء عليه، ولم يفلت منهم أحد.
وكتب الناس محضرا أنفذوه إلى بغداد، وحملت الأسرى والرؤوس معه، قال الشريف: ونسخة المحضر: