أبى طاهر يتحدثون: أن كثيرا من الكبراء وغيرهم كانوا يرسلون إليهم ما يتقرّبون به إلى قلوبهم، وذكروا أنهم كانوا يكثرون الخشوع وذكر النبى صلى الله عليه وسلّم وتعظيمه وإقامة الصلاة؛ قال:
ويضحكون من فعلهم هذا وخديعتهم الناس، قال: ويضحك أبو طاهر وإخوته مما يتحدثون به، قال: وكان سبب تخلص هؤلاء الأسرى أن أبا بكر بن ياقوت كتب في المهادنة، وجرى بينهم خطوب في المراسلة إلى أن وافقهم أن يردّوا الحجر الأسود ويخلوا الأسرى ولا يعرضوا للحاج، فجرى الأمر على ذلك.
قال الشريف: وفي سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة دخل القرمطى الكوفة، واستقبل لؤلؤا الأمير خارجا بالحاج في ذى القعدة، فرجع بهم لؤلؤ إلى الكوفة وتفرّقوا فيها، بعد أن واقعته الخراسانية فلم يقدر على مقاومتهم وامتنعوا منه، إلا أن الناس تسرّبوا وافترقوا، فظفر بمن ظفر منهم فلم يكثر القتل وأخذ ما وجد، وأشار بعض أهل الكوفة على بعض أصحابه في هذه السنة- عند نزولهم بالكوفة- أن يسار في الحاج بغير ما يجرى فيهم، فقال الرجل: الذى من أصحاب القرمطى: والله ما ندرى ما عند سيّدنا أبى طاهر، من نمزيق هؤلاء الذين من شرق الأرض وغربها، واتخاذهم ومن وراءهم أعداء، وما يفوز بأكثر أموالهم إلا الأعراب والشرّاد من الناس، قال الكوفي:
فلو أنّه حين يظفر بهم دعاهم أن يؤدى كل رجل دينارا وأطلقهم وأمّنهم لم يكره أحد منهم ذلك وخفّ عليهم وسهل، وحجّ الناس من كل بلد لأنّهم ظماء إلى ذلك جدا، ولم يبق ملك إلا كاتبه وهاداه واحتاج إليه في حفظ أهل بلده وخاصّته، فجبى في كل سنة