للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما لا يصبر إلى سلطان مثله من الخراج، واستولى على الأرض وانقاد له الناس، وإن منع من ذلك السلطان اكتسب المذمّة، وصار عند الناس هو المانع من الحج، فاستصوب رأيه وفرّج عنه، لأن أصحاب أبى طاهر كان قد ظهر منهم اضطراب عليه وقلّت طاعتهم له، قال:

حتى لقد سمعت بعضهم وقد لحقه فارس من العرفاء يركض ويدور في الكوفة ويقول: ارجع إلى العسكر فإنّ السيّد يأمرك بذلك، فذكر أمّه بقبيح من الشّتيمة بعد أن كانوا يعبدونه، قال: ولما سمع رئيس القرامطة كلام الكوفي وما أشار به من أمر الحاج وما جرى من الكلام في ذلك دخل إلى أبى طاهر فعرّفه ما جرى، فبادر من وقته ونادى في الناس بالأمان، وأحضر الخراسانيّة وقرّر معهم أنهم يحجّون ويؤدون إليه المال في كل سنة، ويكونون آمنين على أنفسهم وأموالهم فلم يأمنوا له، فسلّم سياسة أمرهم إلى أبى على عمر بن يحيى العلوى، واستقرّ للقرامطة ضريبة ورسم على سفر الحاج.

قال الشريف: ولمّا كان في سنة خمس وعشرين وثلاثمائة كبس أبو طاهر الكوفة عشية، وفيها شفيع اللؤلؤى أمير، فهرب من مجلسه والناس عنده، ورمى بنفسه من سطحه واستتر عند امرأة ضعيفة، وظهر الجند من الطرقات فقاوموا من لحقهم من جيشه، وامتنع أكثرهم منه وخرجوا سالمين إلا نفرا منهم أصيبوا، ووجّه أبو طاهر إلى شفيع اللؤلؤى فأمّنه وأحضره، فحضر إليه وقدّم إليه طعاما يأكله، وطلبت مائدة يأكل عليها، فقيل ما يحضر إلا مائدة نهبت من داره، فقال أبو طاهر: قبيح أن يراها فافرشوها بالرقاق لكى لا يعرفها، ففعلوا