للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك وقدّمت إليه، وكان يحمل إلى أبى طاهر صحفة صحفة مما يقدّم إليه، فينظر إليها أولا وينفذها إليه وكان ذلك لدناءته ومهانته، وتفرّق أصحابه عنه وقلّت طاعتهم له فاحتاج إلى المداراة، فوجّه إلى شفيع من يخاطبه في أن يمضى إلى السلطان، ويعرّفه أنّهم صعاليك لا بدّ لهم من أموال، وأنّه إن أعطاهم ما لا لم يفسدوا عليه شيئا وخدموه فما يلتمسه، وإن أبى ذلك لم يجدوا بدا من أن يأكلوا بأسيافهم وسيّره أبو طاهر ووصله، وخرج شفيع إلى السلطان فقدم إلى القرمطى أبو بكر بن مقاتل من قبل السلطان يناظره، ففتّ في عضده وملأ صدره من السلطان وأتباعه، فزاده ذلك انكسارا وذلة وسار عن الكوفة.

وفي سنة ست وعشرين وثلاثمائة فسدت رجال القرامطة وقتل بعضهم بعضا، وسبب ذلك أنّه كان منهم رجل يقال له ابن سنبر، وهو من خواص أبى سعيد الجنّابى المطلعين على سرّه، وكان له عدوّ من القرامطة اسمه أبو حفص الشريك، فعمد ابن سنبر إلى رجل من أصفهان، وقال له: إذا ملّكتك أمر القرامطة نقتل عدوّى، فأجابه إلى ذلك وعاهده عليه، فأطلعه على أسرار أبى سعيد وعلامات كان يذكرها في صاحبهم الذى يدعو إليه، فحضر إليه أولاد أبى سعيد فذكر لهم العلامات، فقال أبو طاهر: هذا هو الذى ندعو إليه، فأطاعوه ودانوا له حتى كان يأمر الرجل منهم بقتل أخيه فيقتله، وكان إذا كره رجل منهم يقول إنه مريض- يعنى قد شك في دينه ويأمر بقتله، وبلغ أبو طاهر أنّ الأصفهانى يريد قتله لينفرد بالأمر، فقال لإخوته: