المطبوخ ومن الأوز والدجاج عشرة آلاف طائر، وما يناسب ذلك من الحلوى، وركب آخر النهار بغلمانه فطاف بالسماط، ونظر إليه، وإلى تلك الأحطاب، فاستحقر الجميع لسعة البرية، ولعن وغضب وعاد فدخل خركاه «١» ، وقام، فلم يجسر أحد أن يكلّمه، واجتمع الأمراء والقواد وغيرهم، وكادت الفتنة تقوم لخوفهم منه، فأتاه وزيره العميد، وتلطف به، وعرّفه ما الناس فيه، فخرج، وجلس على السّماط، وأكل ثلاث لقم، ونهب الناس الباقى، ولم يجلس للشراب، وعاد إلى مكانه، وأقام ثلاثة أيام لا يظهر، فلما كان في اليوم الرابع أمر بإسراج الخيل ليعود إلى منزله، فاجتمع خلق كثير [وشغبت]«٢» الدواب مع الغلمان، وصهلت، ولعبت، فصار الغلمان يصيحون بها لتسكن، فاجتمع من ذلك أصوات هائلة مختلفة منكرة.
وكان مرداويج نائما، فاستيقظ، فسمع ذلك، وسأل عنه، فعرف صورة الحال، فازداد غضبا، وقال ما كفى من إخراق الحرمة ما فعلوه من نهب السماط، وما أرجفوا به حتى انتهى أمر هؤلاء الطلاب إلى هذا، وسأل عن أصحاب الخيل، فقيل: إنها للأتراك، وقد نزلوا للخدمة، فأمر أن تحط. السروج عن الدواب، وتوضع على ظهور أصحابها، ويأخذون بإرسال الدواب إلى الاصطبلات، ومن امتنع من ذلك ضربه الديلم، ففعلوا ذلك، فكانت صورة قبيحة أنفت منها نفوسهم. ثم ركب مع خاصته، وهو يتوعد الأتراك حتى صار إلى داره بعد العشاء بعد أن ضرب جماعة من أكابر الأتراك،