تلافيت أمرك، ورجعت عن غيّك، فصر إلىّ وأنت آمن؛ فإن أردت المقام ببلدنا أقمت، وإن أحببت الانصراف انصرفت. وإن كان قصدك قصد من سوّلت له نفسه الخلاف على الأئمة، واستفساد جهلة الأمة، فلقد عرفت عواقب من تمنّيه نفسه أمنيتك، وسوّلت له ما سوّلت لك، من الهلاك العاجل، قبل سوء المصير فى الآجل. ولا يغرّنّك ما رأيت من إقبال هؤلاء الأوباش عليك، واتّباعهم إياك، فإنى لو صرفت وجهى إليك لأسلموك، وتبرّءوا منك. واعلم أنى إنّما أردت الإعذار إليك، لاستظهار الحجّة عليك. وهذا أوّل كلامى «١» وآخره، لا أقبل لك بعد هذا توبة، ولا أقيلك عثرة، ولا أجعل جواب ما يمكن منك إلا النّهوض إليك بنفسى، وجميع أبطال رجالى، وأنصار دولتى، وجملة أهل «٢» مملكتى فعند [ذلك]«٣» تندم حين لا ينفعك النّدم، ولا تقبل منك التّوبة. فانظر فى يومك لغدك، وقد أعذر إليك من «٤» أنذر.
فقال له أبو عبد الله الشيعى: قد قلت فاسمع، وبلّغت فابلغ: ما أنا ممّن يروّع بالإيعاد، ولا ممّن يهوله الإبراق والإرعاد. فأما تخويفك إياىّ برجال مملكتك، وأنصار دولتك، أبناء حطام الدّنيا، الّذين يقتادون لكل سائق، ويجيبون كلّ داع وناعق، فإنى فى أنصار الدّين، وحماة المؤمنين، الذين لا تروعهم كثرة أنصار الباطل «٥» ، مع قول الله تعالى، وهو أصدق