بنفسك! عمدت إلى بغية أمير المؤمنين وطلبته فأطلقته. فندم على إطلاقه وهمّ أن يبعث إليه خيلا تردّه.
فلمّا سار عبيد الله أميالا افتقد أبو القاسم ابنه كلبة صيد كانت له، فبكى عليها فعرفّه عبيده «١» أنهم تركوها بالبستان؛ فرجع عبيد الله فى طلبها، فرآهم النّوشرى، فقال: من هؤلاء؟ فقال بعض أصحابه: الرّجل قد رجع.
فبعث غلمانه فسألوا أصحاب عبيد الله عن سبب رجوعه، فقالوا: افتقد ولد سيدنا كلبة، وهو عزيز على أبيه، فعاد معه فى طلبها بعد أن قطع أميالا كثيرة. فقال النّوشرى لأصحابه: قبّحكم الله! أردتم أن تحملونى على رجل حاله مثل هذه الحال أعتقله بشبهة. لو كان مرتابا لطوى المراحل وما عاد إلينا من مسافة بعيدة فى طلب كلبة صيد.
ورجع النّوشرى من وقته إلى مصر، وعاد المهدىّ ولحق برفقته. فلمّا انتهى إلى مدينة طرابلس، فارق من كان معه من التّجار، وقدّم أبا العبّاس محمّد بن أحمد بن محمّد بن زكريا، أخا أبى عبد الله الشيعىّ إلى القيروان ببعض ما كان معه، وأمره أن يلحق بكتامة. فلما وصل أبو العبّاس إلى القيروان وجد الكتب قد سبقت إلى زيادة الله فى أمر عبيد الله فأحضر الرّفقة وسألهم عنه، فأخبروه أنه تخلّف بطرابلس وذكروا أنّ أبا العبّاس من أصحابه؛ فأخذ وقرّر، فأنكر، فحبس.
واتصل الخبر بعبيد الله بطرابلس فصادف رفقة خارجة إلى قصطيلية، فخرج معهم، وأتى كتاب زيادة الله إلى طرابلس بصفته وطلبه، فكتب إليه عاملها أنه خرج من عمله، وسار عبيد الله حتى وصل إلى قصطيلية، ثم منها