للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى سجلماسة، وصاحب سجلماسة يومئذ اليسع بن مدرار، فهاداه عبيد الله، فأكرمه اليسع وعظّمه. فلم يزل كذلك إلى أن أتاه كتاب زيادة الله يخبره أنه هو الّذى يدعو إليه الشيعىّ، فتغير اليسع عند ذلك عليه إلّا أنه لم يكن منه فى حقه ما يكره.

ثم كان من تغلّب الشيعىّ ما قدّمناه، وعلم بمكان عبيد الله، وكان يكاتبه فى السّرّ. فلمّا هزم الشيعىّ جيش إبراهيم بن حنبش كتب إلى عبيد الله يخبره بالفتح، فأرسل إليه مالا مع رجال من قبله من كتامة، وكان ذلك أول فتح ورد على عبيد الله، فسرّ به. ثم استولى الشيعىّ على ما ذكرناه، وهرب منه زيادة الله، وملك رقّادة والقيروان، وسار إلى سجلماسة فلما انتهى خبره إلى اليسع بن مدرار وقرب من سجلماسة سأله فحلف أنه ما اجتمع بالشيعىّ ولا رآه قطّ ولا عرفه، وقال: إنما أنا رجل تاجر فأغلط له فى القول فلم [يغير] «١» كلامه الأوّل ولم يخرج عنه. فجعله فى دار وجعل عليه حرسا، وجعل ابنه أبا القاسم فى دار أخرى، وفرّق بينهما. واختبر كلّ واحد منهما [٣٣] فلم يجد بينهما خلافا، وامتحن رجالا كانوا معهما بالعذاب ليقرّوا فلم يعترفوا بشىء.

واتصل الخبر بالشّيعىّ فعظم عليه، وأرسل إلى اليسع بن مدرار يؤمّنه جانبه ويذكر أنّه إنّما قصد سجلماسة لحاجة وبعده الجميل والبرّ والإكرام، وأكد ذلك وبالغ فيه فلما وصلت رسل اليسع رمى بالكتب وقتل الرّسل، واتّصل ذلك بالشيعىّ فعاوده ولاطفه؛ كلّ ذلك خوفا منه أن يكون منه فى حقّ عبيد الله ما يكرهه؛ فقتل الرّسل أيضا فلمّا رأى الشيعىّ إصراره عبّأ