عساكره ودنا من المدينة فخرج إليه اليسع بمن معه، فناوشهم القتال، فقتل من أصحابه جماعة وكان ذلك فى آخر النّهار، فحجز بينهما اللّيل.
فلما جنّ اللّيل هرب اليسع بن مدرار مع أهل بيته وبات الشيعىّ ومن معه فى غمّ عظيمّ تلك الليلة، لا يعلم ما صنع بعبيد الله وابنه، ولم يمكنه دخول المدينة، وما علم بهرب اليسع، حتى أصبح، فخرج إلى الشيعى وجوه أهل المدينة وأعلموه بهرب اليسع، فدخل إلى المكان الذى فيه عبيد الله فأخرجه وأخرج ولده أبا القاسم، وقرّب لهما فرسين وحفّت بهما العساكر، وسار الشّيعىّ والدّعاة بين يدى عبيد الله وهو يقول: هذا مولاى ومولاكم؛ حتى انتهى عبيد الله إلى فسطاط ضرب له، فدخله، وهو إذ ذاك شاب لم ينبذه الشّيب، وابنه حرطرّ شاربه.
هذا ما حكاه إبراهيم بين الرّقيق فى تاريخه.
وقال غيره إن اليسع بن مدرار لمّا أراد الخروج من سجلماسة أحضر الشخص الذى اعتقله وقتله قبل هروبه، وأن الشيعى لمّا دخل وعلم بقتل عبيد الله خاف من كتامة لأنه كان يعدهم بخروج المهدىّ وملكه الأرض على زعمه، وخشى أن يفتضح فيهلك ويزول ما حصل فى يده، فأخرج لهم رجلا يهوديّا كان يخدم الشّخص المقتول، وقال هذا إمامكم وإمام الاسماعيلية، وأركبه ومشى فى ركابه وانسلخ له من الأمر. وهذا فيه بعد، وأراه من التّغالى فى نفيهم عن النّسب؛ والذى حكاه ابن الرّقيق أشبه.
فلنرجع إلى ما حكاه إبراهيم بن الرّقيق.
قال: ولما استقرّ عبيد الله بالفسطاط أمر بطلب اليسع بن مدرار حيث كان، فخرجت الخيل فى طلبه، فأدركوه ومن معه من أهل بيته،