وكاتب الملك العادل جماعة من الأمراء المصريّين، ففارقوه ودخلوا إلى دمشق فأكرمهم.
ثم وصل الملك الظّاهر صاحب حلب ومعه أخواه الظّافر والمعزّ وجاءهم الملك المجاهد صاحب حمص، وعسكر حماة دون سلطانها، وحسام الدّين بشارة صاحب حمص بانياس، وكان من أكابر الدّولة، فأشار بالصلح.
قال: ولمّا حاصر الملك الأفضل دمشق منع من يدخل إليها بشىء من الميرة، وقطع عنها الأنهار؛ فاشتدّ الأمر على أهل دمشق، واستغاثت الرّعايا على العادل، وتسلّطوا عليه، وحملوه على تسليم البلد. وانتقل أكثر من فى البلد إلى العسكر، ونصبوا به أخصاصا ومساكن؛ وأقيمت الأسواق به.
فلمّا اشتدّ الأمر على العادل كتب إلى الظّاهر يستميله وقال: أنا أسلّم البلد إليك دون غيرك، فنمى الخبر إلى الأفضل، فاضطرب رأيهما، وقيل بل كتب إليهما يقول: أنا أسلم البلد إليكما بعد سبعة أشهر فأجاباه إلى ذلك. وقيل إنه كان يكتب إلى الأفضل يقول الظّاهر قد صالحنى، وإلى الظّاهر بمثل ذلك.
واتفق فى فساد حال الأفضل أن جماعة الأمراء كان بأيديهم إقطاعات بالدّيار المصريّة جليلة المقدار، فحسدهم آخرون عليها، فكانوا يأتون إلى الملك الأفضل ويقولون: إنّ فلانا قد عزم على قصد عمّك العادل والانضمام إليه، ويأتون لذلك الأمير فيقولون: إنّ الأفضل قد عزم القبض عليك، ويأتى ذلك الأمير إلى الأفضل فيرى فى وجهه أثر التغيّر لما نقل عنه، فلا يشكّ ذلك الأمير فى صدق النّاقل فالتحق به جماعة من الأمراء