فرفع له السّتر وأقبل عليه وأصغى إليه، فلما فرغ من إنشاده أمر له بعشرة آلآف درهم وقال له: يا إبراهيم، لا تتلفها طمعا في نيل مثلها منّا، فما كلّ وقت تصل إلينا، فقال إبراهيم: ألقاك بها يا أمير المؤمنين يوم القيامة وعليها الجهبذ «١» .
ودخل المؤمّل بن أميل على المهدىّ وكان بالرّىّ، وهو إذ ذاك ولىّ عهد أبيه المنصور، فامتدحه بأبيات يقول فيها
هو المهدىّ إلا أن فيه ... مشابه صورة القمر المنير
تشابه ذا وذا فهما إذا ما ... أنارا يشكلان على البصير
فهذا في الضياء سراج عدل ... وهذا في الظلام سراج نور
ولكن فضّل الرحمن هذا ... على ذا بالمنابر والسّرير
وبعض الشهر يخفى ذا، وهذا ... منير عند نقصان الشهور
وجاء منها
فإن سبق الكبير فأهل سبق ... له فضل الكبير على الصغير
وإن بلغ الصغير مدى كبير ... فقد خلق الصغير من الكبير
فأعطاه عشرين ألف درهم، فكتب بذلك صاحب البريد إلى المنصور وهو ببغداد، فكتب الى المهدىّ يلومه ويقول له: إنما كان ينبغى أن تعطى الشاعر إذا أقام ببابك سنة، أربعة آلاف درهم، وأمره أن يوجهه إليه، فطلب فلم يوجد، وتوجه إلى بغداد، فكتب الى المنصور بذلك، فأمر بإرصاده فمسك، وقيل له أنت بغية أمير المؤمنين وطلبته، قال المؤمل: فكاد قلبى ينخلع خوفا وفرقا، ثم أخذ بيدى وانطلق بى إلى الربيع، فأدخلنى على المنصور، وقال: يا أمير المؤمنين، هذا المؤمّل