ابن القاضى الأعز خلف- أدام الله سعادته، وقرن بالتأييد بدأه وإعادته- ممن سلكت به التّجربة حزنا وسهلا «١» ، وراض جامح الأمور ناشئا وكهلا، وتمّت كلمات تفضيله بفضائله صدقا وعدلا، وجدّدت له مساعيه الحميدة ملابس ثناء لا تبلى. وأجلى من أبكار معانيه بدورا لا تعرف أفولا ولا كسوفا، واستلّ من آرائه شعلا، فلو طبعت لكانت سيوفا. واتّسق نظام بلاغته، فكأنه نظام فريد. واستعيدت ألفاظه فما أخلقها العود على المستعيد.
وحلّى بدرر مساعيه جيدا من الملك عاطلا، وعاد ربع المكارم بمناقبه عامرا آهلا.
رسم بالأمر العالى المولوى السلطانى، الملكى المنصورى النّورى- شرّفه الله وأعلاه، وأنفذه وأمضاه- أن يفوّض إليه أمر الوزارة، لما علم فيه من السّودد الذى اقتاد به صعب المكارم والمفاخر، التى حاز منها ما لم يحزه الأوائل، وإن جاء فى الزّمن الآخر. والفضائل التى فاز منها بقصب السّبق، والأحكام التى تحلّى فيها بدرّ الأناة والرّفق. والسياسة التى سلك بها نهج السبيل إلى الحق. والمعالى التى أبدى فى كسبها ما أبداه، من ثغره الضاحك ووجهه الطّلق. والنزاهة التى أهّلته لأشرف المناصب، وقضت له بسلامة العواقب، والصنايع التى غذت معارفه عند مناكرة النوائب، والمكارم التى لحّت فى العلوّ، فكأنها تحاول أخذ ثأر من الكواكب