ثم كانت واقعة مع الملك الصالح عماد الدين إسماعيل [بن العادل «١» ] صاحب دمشق [عند ما أذن للفرنج فى دخول دمشق وشراء السلاح ... فأفتى الشيخ عز الدين ابن عبد السلام بتحريم بيع السلاح للفرنج ... وكان الصالح غائبا عن دمشق فورد كتابه بعزل ابن عبد السلام. وولى خطابة]«٢» دمشق، بعد عز الدين بن عبد السلام، علم الدين داود بن عمر بن يوسف بن خطيب بيت الآبار.
فلما سلم الملك الصالح صفد والشقيف وغير ذلك للفرنج وصالحهم، كما تقدم، امتنع [الشيخ ابن عبد السلام] من الدعاء له على المنبر الجامع بدمشق فكان من خبر عزله واعتقاله وخروجه من الشام ووصوله إلى الديار المصرية وولايته الخطابة بجامع عمرو بن العاص بمصر، والقضاء بمصر والوجه القبلى، وعزله نفسه مرة بعد أخرى، وغير ذلك من أحواله ما قدمناه فى أخبار الدولة الصالحيه النجمية.
ولم يزل الشيخ، رحمه الله تعالى، معظما عند الملك الصالح وغيره من الملوك بعده بالديار المصرية يرجعون إلى رأيه ويعتمدون على فتاويه، ويقف الأكابر عند أوامره إلى أن ملك السلطان الملك الظاهر فزاد فى تعظيمه وإكرامه وبره، واستشاره فى ابتداء دولته فيما بفعله مما فيه صلاح دولته، فقال له: إن الدولة لا تقوم إلا بأمرين؛ أحدهما: قيام الشرع الشريف. والثانى: تحصيل الأموال من وجوهها، ولا أرى لمنصب القضاء مثل تاج الدين عبد الوهاب، يريد ابن بنت الأعز، وللوزارة مثل بهاء الدين على. فرجع السلطان إلى رأيه وتمسك بقوله، وفوض المنصبين لهما، فقام كل منهما فى منصبه أحسن قيام. وحمدت عاقبة هذه الولاية، وشكر سداد هذا الرأى.