للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأصبح شامتا وتقرّ عينى ... ويجمع شملنا بعد افتراق

قال: فأتى أشعب الباب فأخبرت بمكانه، فأمرت ففرش لها فرش وجلست وأذنت له؛ فدخل فأنشدها. فلما أنشد البيت الأوّل:

أسعدة هل اليك لنا سبيل ... وهل حتى القيامة من تلاق

قالت: لا والله، لا يكون ذلك أبدا. فلما أنشد البيت الثانى:

بلى! ولعلّ دهرا أن يؤاتى ... بموت من حليلك أو طلاق

قالت: كلّا إن شاء الله، بل يفعل الله ذلك به. فلما أنشد البيت الثالث:

فأصبح شامتا وتقرّ عينى ... ويجمع شملنا بعد افتراق

قالت: بل تكون الشماتة به. ثم قالت لخدمها: خذوا الفاسق. فقال:

يا سيّدتى، إنها عشرة آلاف درهم. قالت: والله لأقتلنّك أو تبلّغه كما بلّغتنى. قال:

وما تهبين لى؟ قالت: بساطى الذى تحتى. قال: قومى عنه؛ فقامت، فطواه، ثم قال: هاتى رسالتك، جعلت فداك! قالت: قل له:

أتبكى على لبنى وأنت تركتها ... فقد ذهبت لبنى فما أنت صانع؟

فأقبل أشعب، حتى دخل على الوليد، فأنشده البيت. فقال: أوّه قتلتنى والله! فما ترانى صانعا بك يا ابن الزانية! اختر إمّا أنّ أدليك منكّسا في بئر، أو أرميك من فوق القصر منكّسا، أو أضرب رأسك بعمودى هذا ضربة. قال له: ما كنت فاعلا بى شيئا من ذلك. قال: ولم؟ قال: لأنك لم تكن لتعذّب عينين قد نظرتا إلى سعدة! قال: صدقت يا ابن الزانية! وروى أبو الفرج الأصفهانىّ بإسناده إلى إبراهيم بن المهدىّ عن ابن أشعب عن أبيه، قال: دعى ذات يوم بالمغنّيين إلى الوليد بن يزيد، وكنت نازلا معهم،