للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدّ سيوفها وأشرعت أسنة حتوفها، وهى تسير كالجبال، وتبعث كالصدى [١] ما يرهب من طيف الخيال.

فبينما الركاب قد استقلت فى السّرى، ورقمت [٢] فى البيداء من أعناق جيادها سطور من قرأها استغنى بحسنها عن القرى، إذا بالبشير قد وفد ونجم المسرّة قد وقد، وأخبر بأن جمعا من التتار قصدوا القريتين للإغارة، ما علموا أن ذلك مبدأ خمولهم الذى فتح الله به للإسلام باب الهناء والبشارة، وغرتهم الآمال، وساقتهم الحتوف للآجال، فنهض بعض العساكر المؤيدة، فأخدتهم أخذ القرى وهى ظالمة، وأعلمتهم أن السيوف الإسلامية ما تترك لهم بعد هذا العام- بقولة يدا [٣] فى الحرب مبسوطة، ولا رجلا فى المواقف قائمة، وأرى الله العدوّ مصارع بغيه، وعاقبة استحواذه، وتلا لسان الوعد الصادق على حزب الإيمان وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ

[٤] ، ووصل مولانا السلطان- خلّد الله ملكه- غزّة، والإسلام بحمد الله قد زاد قوة وعزّة، ثم رحل بحمد الله- بعزم لا يفتر عن المسير، وجيش أقسم النصر أن لا يفارقه وأن يصير معه حيث يصير، إلى أن وصلوا يوم السبت الثانى من شهر رمضان المعظم سنة اثنتين وسبعمائة، وهو أوّل أيام السعود، واليوم الذى جمع فيه الناس ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ

[٥] إلى مرج الصّفّر الذى هو موطن الظّفر، ومكان النصر الذى يحدّث عنه السّمار بأطيب سمر.

والسلطان بين عساكره كالبدر بين النجوم، والملائكة الكرام تحمى الجيوش المؤيدة بإذن الله، وطيور النصر عليها تحوم، وهو- خلّد الله ملكه- قد بايع الله على نصرة هذه الملّة التى لا يحيد عن نصرها ولا يريم، وعاهده على بذل الهمم التى انتظمت فى سبيل الله كالعقد النّظيم، وخضع لله فى طلب النصر


[١] فى الأصول «كالعدى» والمثبت من المرجع السابق.
[٢] فى الأصول «ورقت» والمثبت من السلوك ١: ١٠٢٩.
[٣] هنا انقطع الكلام فى ك بما يعادل منتصف صفحة ٣٣ من ص إلى أول صفحة ٦٣ وقد أكملت النص منها.
[٤] سورة الفتح آية ٢٠.
[٥] سورة هود آية ١٠٣.