للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وضلّت فى حالة الحرب عن السيف فأدركهم العزم الماضى الغرار [١] وتلا عليهم لسان الحق قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ

[٢] وما انقضى ظهر يوم الأحد إلا والنصر قد خفقت بنوده، والحق- سبحانه وتعالى- قد صدقت وعوده، وطائر الظفر قد رفرف بجناحه وطار باليمن والسرور [٣٩] ونسيم الريح قد تحمّلت رسالة التأييد، فصارت إلى الإسلام بالصّبا وإلى العدوّ بالدّبور والألطاف- ولله الحمد- قد زادت للإسلام قوّة وتمكينا، ولسان النصر يتلو على السلطان إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً

[٣] والسيف قد طهّر ديار الإسلام من تلك الأدناس ومولانا السلطان يتلو ذلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنا وَعَلَى النَّاسِ

[٤] ، وأمست الوحوش تنوش أشلاءهم، والحوائم ترد دماءهم، والعساكر فى أعقابهم تقتل وتأسر، وتبدى فى استئصالهم [٥] كل عزيمة وتظهر، وتنظم أسنتها برؤوس القتلى، وتعقد لها على عقائل النصر فتزفّ لديها وتجلى، إلى أن ناحتهم بالخيف [٦] من مكان قريب، وبسطت فيهم السيف فسأل الأسر أن يسمح له بحظّ فأعطى أيسر نصيب، وملئت من قتلاهم القفار، وأمسوا حديثا فى الأمصار، وعبرة لأولى الأبصار.

ثم رحل السلطان يوم الإثنين الرابع من شهر رمضان المعظم إلى منزلة الكسوة من مكان النصر، وبقاعه تنبئ [٧] على معاليه، وتشهد بمضاء قواضبه ونفوذ عواليه، ودمشق قد أخذت زخرفها وازّيّنت، وتبرّجت محاسنها للنواظر، وما باتت بل تبيتت، وكادت جددها تسعى للقائه، لتؤدّي السّنّة من خدمته والفرض، غير أنها استنابت الأنهار فسعت وقبّلت بين يدى جواده الأرض.


[١] الغرار: حد السيف (المعجم الوسيط) .
[٢] بياض فى ص، وف. المثبت يقتضيه المعنى والسياق الذى التزمه المؤلف. والآية رقم ١٦ من سورة الأحزاب.
[٣] سورة الفتح آية ١.
[٤] سورة يوسف آية ٣٨.
[٥] فى ص، وف «إيصالهم» والمثبت يقتضيه السياق.
[٦] الخيف: ما انحدر عن غلظ الجبل، وارتفع عن الوادى ومجرى السيل (لسان العرب) .
[٧] كذا فى ص، وف. وفى السلوك ١: ١٠٣٤ «تثنى» .