للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جوار وجوار سواق، وآلات تبهر عند رؤية حدائقها الأحداق، ومن عروش وأشجار، ورياض نضرة تبهت الأبصار، قد أخذت من كل المحاسن بشطر، وحلت مذاقا. وكيف لا وقد سقيت بالقطر؟! ومن سفائن قد ترفعت حتى مرت فى الجوّ من بحر النسيم فى لجج، ومن عجائب إذا حدّث المرء عنها قيل له:

حدّث عن البحر ولا حرج، ومن شخوص بالألحاظ تغازل، ودمى تسحر العقول بسحر بابل، وصور يخيّل للرائى أنها تنطق، وأشكال وضعت صفة للحرب التى أضحت رايتها فى الآفاق تخفق، ومن هيبة للعدى التى أبادتها الأبطال، وأعدمت حقيقتها فلم يبق منها إلا مثال يبزر فى خيال، ومن جتور [١] ظهرت بها آية ملكه لمّا مرّت بنفسها على رأسه الكريم مر السحاب، وسارت بين السماء والأرض فلم تحتج مع سعادته إلى عمد ولا إلى أطناب، ومن فوسان جمّلّت [٢] الجيوش المنصورة حيث لبست لأمة حربها، وأعتقلت رماحها وبارزت الأقران [٥٠] فكان النصر من حزبها.

ومن أنواع احتفال يعجز عن وصفها البديع الفطن ولولا خوف الإطالة [٣] لقلت ومن ومن إلى أن تنفد كلمة ومن.

والأمة يبذلون فى خدمته الجمل والتفاصيل، ويصنعون له ما يريد من النّزه، ويعملون ما شاءوا من تماثيل، والأسارى قد جعلوا بين يديه مقرنين فى الأصفاد، يشاهدون مدينة ماثلت إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ. الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ

[٤] وهو- خلدّ الله سلطانه- يسير الهوينا، وينظر بعين حبره هذا المحفل، ويقبل، وأسراؤه بين يديه كالليث أقبل للفريسة ينقل [٥] ، وهم


[١] جتور- جمع جتر وهو مظلة أو قبة من حرير تحمل على رأس السلطان فى موكب الصيد (القلقشندى:
صبح الأعشى، ج ٤، ص ٧- ٨) .
[٢] فى ص، وف «خلت» ولعل الصواب ما أثبته.
[٣] سقط فى ص، وف. والإضافة عن السلوك ١: ١٠٣٨) .
[٤] سورة الفجر الآيتان ٧، ٨.
[٥] كذا فى ص، وف. والمعنى غير مفهوم.